يجلس الليل متكئا على عصاه السرمدية و هو يائس . لقد أعتمت دنياه بلا قمر. ينظر في مرآته ليرى كآبته و هي ظاهرة على محياه . لكنه يكتشف أن كآبته شيء جزئي و نسبي فها هي نجومه تتلألئ بدون قمر و ها هي درره تسليه و تحكي له قصص الحياة و الموت .
فيفهم ما معنى الحياة و ما معنى الموت .لقد أدرك بأن الحياة و الموت أخوين متكاملين . فما تملكه الحياة لا يملكه الموت و لكن ما تملكه الحياة سيأتيه يوم و يصبح في مملكة الموت . و من الموت قد توهب حياة جديدة.
الحياة التي تأتي من الموت هي أعظم من موت يأتي من حياة.
لأنها تدل على خصب الحياة و تجددها و استمرارها
يعود الليل ليتذكر أنه هو نفسه يموت كل يوم و يقوم من موت إلى حياة و يعود من حياة إلى موت.
أنا الليل السرمدي الذي لا يعرف أحد من البشر عمري و لا يستطيع أن يقيسني أحد بسنين أو حقب . أنا دائم أزلي منذ بداية البشرية .ثم يبتسم و يقول أنا مثل كل أوجه الحياة المتبدلة و المتجددة أتجدد كل يوم و أشكل مع النهار كلا لا يتجزأ يسمونه اليوم و مع أن الإنسان يعد أيامه و عمره فإنه و بشكل تام لا يعرف عمري الحقيقي .
فتقوم الفتاة التي تراقب الليل و هو يتذكر , فتقول في نفسها: لماذا لا أكون كهذا الليل الجميل أو كهذه الحياة متجددة . لا يجب أن أعيش في قصة واحدة أو للحظة واحدة لأنني أستطيع أن أتحدى المستحيل في هذه الدنيا لأجعل لحياتي معنى و فائدة . يجب أن أغتنم الفرص و أعيش حياتي كل لحظة بلحظتها لا أخشى لومة لائم .
و لا أنتظر الحظ و أنا جالسة فيجب أن أسعى إلى أهدافي كما نسعى كل المخلوقات . يجب أن أعمل قبل أن أنضم إلى مملكة الموت التي أتمنى أن أعرف حناياها وأنا عل أتم استعداد للقائها . و تقوم لتبدأ عملها من جديد
و تجمع كل آلامها و أحزانها في أوراق كانت قد خطتها أناملها و تحرقها في سلة المهملات . و تبدأ لتخط قصة الحياة و الموت و السعي الدؤوب لبني البشر إلى الكمال.
الاثنين 11/6/2001