في بداية الأربعينيات من القرن العشرين كانت فكرة تشكيل كيان عربي... تضغط وتطرح وتناقش بحدة وجدية.,
وكان العمل المستمر نحو التحرر والاستقلال والتوحد هو الهاجس الأساسي وإن كان تنوع المستعمر وأشكال الاستعمار الذي ترزح تحت نيره الدول العربية قد فرض وجود حركات وطنية استقلالية متعددة وليس حركة واحدة جامعة.
ومع نهاية الحرب العالمية الثانية عادت فكرة الوحدة العربية إلى الطرح من جديد, وقد بادر مصطفى النحاس رئيس وزراء مصر آنذاك إلى دعوة كل من رئيس الوزراء السوري (جميل مردم بك) ورئيس الكتلة الوطنية اللبنانية (الشيخ بشارة الخوري) للتباحث معهما في القاهرة حول فكرة (إقامة جامعة عربية لتوثيق العرى بين البلدان العربية المنضمة لها).
وكانت هذه أول مرة تثار فيها فكرة الجامعة العربية لتنطلق بعدها سلسلة من المشاورات الثنائية بين مصر من جانب وممثلي كل من العراق وسورية ولبنان والمملكة العربية السعودية والأردن واليمن من جانب آخر.وقد أسفرت هذه المشاورات عن تشكيل لجنة تحضيرية من ممثلين عن كل من سورية ولبنان والأردن والعراق ومصر واليمن (بصفة مراقب) في الفترة 25/9 إلى 7/10/1944 لتأسيس رابطة مجسدة لوحدة الدول العربية مع حفاظ كل دولة منها على استقلالها وسيادتها واستقر رأي المجتمعين على تسمية تلك الرابطة ب (جامعة الدول العربية).
وعقدت اجتماعات اللجنة التحضيرية وقد ضمت كل من مصر (مصطفى النحاس رئيس الوزراء وزير الخارجية - أحمد نجيب الهلالي وزير المعارف العمومية - محمد صبري أبو علم وزير العدل - محمد صلاح الدين وكيل وزارة الخارجية) وسورية (سعد الله الجابري رئيس مجلس الوزراء - جميل مردم بك وزير الخارجية د.نجيب الأرمنازي الأمين العام لرئاسة الجمهورية - صبري العسلي نائب دمشق) والعراق (حمدي الباجه جي رئيس مجلس الوزراء - راشد العمري وزير الخارجية - نوري السعيد رئيس مجلس وزراء سابقا - تحسين العسكري وزير العراق المفوض بمصر) ولبنان (رياض الصلح رئيس مجلس الوزراء - سليم تقلا - موسى مبارك مدير غرفة رئيس الجمهورية) وشرق الأردن (توفيق أبو الهدى رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية - سليمان سكر أمين وزارة الخارجية). وتم بنتيجة هذه الاجتماعات توقيع بروتوكول الإسكندرية في 7 تشرين الأول (أوكتوبر) من العام 1944, أما اليمن والمملكة العربية السعودية فلم تشاركا في أعمال اللجنة ولكن رفعت مقرراتها إلى كل من الملك السعودي عبد العزيز آل سعود والإمام يحيى حميد الدين ملك المملكة المتوكلية اليمنية وأضافت السعودية توقيعها على البروتوكول في 3 كانون الثاني (يناير) 1945 واليمن في 5 شباط (فبراير) 1945. وقد أرسيت في (بروتوكول الإسكندرية) المبادئ الأساسية التي ستقوم عليها الجامعة وهي:
1- قيام جامعة الدول العربية من الدول العربية المستقلة التي تقبل الانضمام إليها ويكون لها مجلس تمثل فيه الدول المشتركة في الجامعة على قدم المساواة.
2- مهمة مجلس الجامعة هي: مراعاة تنفيذ ما تبرمه الدول الأعضاء فيما بينها من اتفاقيات وعقد اجتماعات دورية لتوثيق الصلات بينها والتنسيق بين خططها السياسية تحقيقا للتعاون فيما بينها وصيانة استقلالها وسيادتها من كل اعتداء بالوسائل السياسية الممكنة, والنظر بصفة عامة في شؤون البلاد العربية.
3- قرارات المجلس ملزمة لمن يقبلها فيما عدا الأحوال التي يقع فيها خلاف بين دولتين من أعضاء الجامعة ويلجأ الطرفان إلى المجلس لفض النزاع بينهما. ففي هذه الأحوال تكون قرارات المجلس ملزمة ونافذة.
4- لا يجوز الالتجاء إلى القوة لفض المنازعات بين دولتين من دول الجامعة كما لا يجوز اتباع سياسة خارجية تضر بسياسة جامعة الدول العربية أو أية دولة من دولها.
5- يجوز لكل دولة من الدول الأعضاء بالجامعة أن تعقد مع دولة أخرى من دول الجامعة أو غيرها اتفاقات خاصة لا تتعارض مع نصوص هذه الأحكام وروحها.
6- الاعتراف بسيادة واستقلال الدول المنظمة إلى الجماعة بحدودها القائمة فعلاً